كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قلت: وفي عبارة الحافظ شيء من التشويش، ولا أدري أذلك منه، أم من النساخ؟ وهو أغلب الظن، وذلك لأن قوله: وهذا أصح طرق هذا الحديث إن حملناه على أقرب مذكور، وهو طريق ابن مردويه الموصول كما هو المتبادر، منعنا من ذلك أمور:
الأول: قول الحافظ عقب ذلك: فهذه مراسيل يقوي بعضها بعضًا. فإن فيه إشارة إلى أن ليس هناك إسناد صحيح موصول يعتمد عليه، وإلا لَعرَّج عليه وجعله أصلًا، وجعل الطريق المرسلة شاهدة ومُقَوية له، ويؤيده الأمر الآتي وهو:
الثاني: وهو أن الحافظ لما رَدّ على القاضي عياض تضعيفه للحديث من طريق إسناد البزار الموصول بسبب الشك، قال الحافظ:
أما ضعفه فلا ضعف فيه أصلًا قلت: يعني في رواته، فإن الجميع ثقات، وأما الشك فيه، فقد يجيء تأثيره ولو فردًا غريبًا- كذا- لَكِن غايته أن يصير مرسلًا، وهو حجة عند عياض وغيره ممن يقبل مرسل الثقة، وهو حجة إذا اعتضد عند من يَرُدّ المرسل، وهو إنما يعتضد بكثرة المتابعات.
فقد سلَّم الحافظ بأن الحديث مُرْسَلٌ، ولَكِن ذهب إلى تقويته بكثرة الطرق، وسيأتي بيان ما فيه في ردنا عليه قريبًا إن شاء الله تعالى.
فلو كان إسناد ابن مردويه الموصول صحيحًا عند الحافظ، لرد به على القاضي عياض، ولما جعل عمدته في الرد عليه هو كثرة الطرق، وهذا بين لا يخفى.
الثالث: أن الحافظ في كتابه فتح الباري لم يُشِرْ أدنى إشارة هذه الطريق فلو كان هو أصح طرق الحديث، لذكره بصريح العبارة، ولجعله عمدته في هذا الباب كما سبق.
الرابع: أن من جاء بعده- كالسيوطي وغيره- لم يذكروا هذه الرواية.
فكل هذه الأمور تمنعنا من حمل اسم الإشارة هذا على أقرب مذكور، وتضطرنا إلى حمله على البعيد، وهو الطريق الذي قبل هذا، وهو طريق سعيد بن جبير المرسل. وهو الذي اعتمده الحافظ في الفتح وجعله أصلًا، وجعل الروايات الأخرى شاهدة له، وقد اقتدينا نحن به، فبدأنا أولًا بذكر رواية ابن جبير هذه، وإن كنا خالفناه في كون هذه الطرق يقوي بعضها بعضًا.
قلت: هذا مع العلم أن القدر المذكور من إسناد ابن مردويه الموصول رجاله ثقات رجال الشيخين، لَكِن لابد أن تكون العلة فيمن دون أبي عاصم النبيل، ويقوي ذلك، أعني كون إسناده مُعَلًا أنني رأيت هذه الرواية أخرجها الواحدي في أسباب النزول (ص 233) من طريق سهل العسكري قال: أخبرني يحيى قلت: هو القطان عن عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أفرءيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)} [النجم]، فألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى ففرح بذلك المشركون، وقالوا: قد ذكر آلهتنا، فجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اعرض على كلام الله، فلما عرض عليه، قال: أما هذا فلم آتك به، هذا من الشيطان، فأنزل الله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} الآية (الحج: 52).
فرجع الحديث إلى أنه- عن عثمان بن الأسود عن سعيد- مرسل، وهو الصحيح، لموافقته رواية عثمان هذه رواية أبي بشر عن سعيد.
ثم وقفت على إسناد ابن مردويه ومتنه، بواسطة الضياء المقدسي في المختارة (60: 235: 1) بسنده عنه قال: حدثني إبراهيم بن محمد: حدثني أبو بكر محمد بن علي المقري البغدادي، ثنا جعفر بن محمد الطيالسي، ثنا إبراهيم بن محمد بن عَرْعَرة، ثنا أبو عاصم النبيل، ثنا عثمان بن الأسود، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {أفرءيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)} [النجم]، تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترتجى.ففرج المشركون بذلك، وقالوا: قد ذكر آلهتنا فجاءه جبريل، فقال: اقرأ على ما جئتك به، قال: فقرأ {أفرءيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)} [النجم]، تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترتجى، فقال: ما أتيتك بهذا، هذا عن الشيطان، أو قال: هذا من الشيطان، لم آتك بها! فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلآ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} إلى آخر الآية.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات وكلهم من رجال التهذيب إلا من دون ابن عرعرة، ليس فيهم من ينبغي النظر فيه غير أبي بكر محمد بن علي المقري البغدادي، وقد أورده الخطيب في تاريخ بغداد فقال (3: 68- 69): محمد بن علي بن الحسن أبو بكر المقرئ، حدث عن محمود ابن خداش، ومحمد بن عمرو، وابن أبي مذعور. روى عنه أحمد بن كامل القاضي، ومحمد بن أحمد بن يحي العطشي. ثم ساق له حديثا واحدًا وقع فيه مكنًا بـ أبي حرب، فلا أدري أهي كنية أخرى له، أم تحرفت على الناسخ أو الطابع، ثم حكى الخطيب عن العطشي أنه قال: توفي سنة ثلاثمائة، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مجهول الحال، وهو علة هذا الإسناد الموصول، وهو غير أبي بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم الأصبهاني المشهور بابن المقرئ، الحافظ الثقة، فإنه متأخر عن هذا نحو قرن من الزمان، وهو من شيوخ ابن مردويه مات سنة (381) إحدى وثمانين وثلاثمائة، ووقع في التذكرة (3: 172) ومائتين وهو خطأ.
فثبت مما تقدم صواب ما كنا جزمنا به قبل الإطلاع على إسناد ابن مردويه أن العلة فيه فيمن دون أبي عاصم النبيل، وازددنا تأكدًا من أن الصواب عن عثمان بن الأسود إنما هو عن سعيد بن جبير مرسلًا كما رواه الواحدي، خلافًا لرواية ابن مردويه عنه.
وبالجملة، فالحديث مرسل، ولا يصح عن سعيد بن جبير موصولًا بوجه من الوجوه.
2- عن ابن شهاب: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قرأ عليهم: {والنجم إذا هوى} [النجم: 1]، فلما بلغ {أفرءيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)} النجم، قال: إن شفاعتهن ترتجى. سها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيه المشركون الذين في قلوبهم مرض فسلموا عليه وفرحوا بذلك، فقال لهم: إنما ذلك من الشيطان، فأنزل الله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} حتى بلغ {فينسخ الله ما يلقي الشيطان} [الحج: 52]». رواه ابن جرير (17: 121) وإسناده إلى أبي بكر بن عبد الرحمن صحيح، كما قال السيوطي تبعًا للحافظ، لَكِن علته أنه مرسل وعزاه السيوطي لعبد بن حميد أيضًا، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: فذكره مطولًا، ولم يذكر في إسناده أبا بكر بن عبد الرحمن، فهو مرسل، بل معضل، ولفظه كما في ابن كثير والدر: لما أنزلت سورة النجم، وكان المشركون يقولون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير، أقررناه وأصحابه، ولَكِن لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم، وأحزنته ضلالتهم، فكان يتمنى كفَّ أذاهم- وفي ابن كثير «هدايتهم»- فلما أنزل الله سورة والنجم قال: {أفرءيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)} النجم، ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الطواغيت، فقال: وإنهن لَهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لَهِيَ التي تُرتَجى فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة، ودلقت بها ألسنتهم، وتباشروا بها، وقالوا: إن محمدًا قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر النجم سجد وسجد كلُّ من حضر من مسلم ومشرك، ففشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة، فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} [الحج: 52]، فلما بيّن الله قضاءه، وبرّأه من سجع الشيطان، انقلب المشركون بضلالتهم وعدوانهم للمسلمين، واشتدوا عليه. وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة عن موسى بن عقبة ساقه من مغازيه بنحوه لم يذكر ابن شهاب كما في الدر (4: 367) وغيره.
3- عن أبي العالية قال: قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جلساؤك عبيد بني فلان، ومولى بني فلان، فلو ذكرت آلهتنا بشيء جالسناك، فإنه يأتيك أشرف العرب، فإذا رأوا جلساءك أشرف قومك كان أرغب لهم فيك، قال: فألقى الشيطان في أمنيته، فنزلت هذه الآية: {أفرءيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)} النجم، قال: فأجرى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترتجى، مثلهن لا ينسى قال: فسجد النبي صلى الله عليه وسلم حبن قرأها وسجد معه المسلمون والمشركون، فلما علم الذي أجري على لسانه، كبر ذلك عليه، فأنزل الله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} إلى قوله: {والله عليم حكيم} (52-الحج). أخرجه الطبري (17: 120) من طريقين عن داود بن أبي هند عنه، وإسناده صحيح إلى أبي العالية، لَكِن علته الإرسال، وكذلك رواه ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
4- عن محمد بن كعب القرظي، ومحمد بن قيس قالا: «جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناد من أندية قريش كثير أهله، فتمنى يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه، فأنزل الله عليه: {والنجم إذا هوى (1) ما ضل صاحبكم وما غوى (2)} النجم فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغ: {أفرءيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)} النجم، ألقى عليه الشيطان كلمتين: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى. فتكلم بها ثم مضى، فقرأ السورة كلها، فسجد في آخر السورة، وسجد القوم جميعًا معه، ورفع الوليد بن المغيرة ترابًا إلى جبهته فسجد عليه، وكان شيخًا كبيرًا لا يقدر على السجود، فرضوا بما تكلم به، وقالوا: قد عرفنا أن الله يحيي ويميت، وهو الذي يخلق ويرزق، ولَكِن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده، إذا جعلتَ لها نصيبًا فنحن معك، قالا: فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فعرض عليه السورة، فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه قال: ما جئتك بهاتين! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افتريت على الله، وقلت ما لم يقل، فأوحى الله إليه: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفترى علينا غيره} إلى قوله: {ثم لا تجد لك علينا نصيرًا (75)} [الإسراء]، فما زال مغموما مهموما حتى نزلت عليه: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلآ إذا تمنى } [الحج: 52]، قال: فسمع كل من المهاجرين بأرض الحبشة أن أهل مكة قد أسلموا كلهم، فرجعوا إلى عشائرهم وقالوا: هو أحب إلينا، فوجدوا القوم قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان». أخرجه ابن جرير (17: 119) عن طريق أبي معشر عنهما، وأبو معشر ضعيف، كما قال الحافظ في التقريب واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي. ثم أخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق، عن يزيد بن زياد المدني، عن محمد بن كعب القرظي وحده به أتمّ منه، وفيه: «فلما سمعت قريش ذلك فرحوا، وسرهم وأعجبهم ما ذكر به آلهتهم، فأصاخوا له، والمؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاء به عن ربهم، ولا يتهمونه على خطأ ولا وهم ولا زلل» الحديث.
ويزيد هذا ثقة، لَكِن الراوي عنه ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه.
5- عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمنى أن لا يعيب الله آلهة المشركين، فألقى الشيطان في أمنيته فقال: إن الآلهة التي تدعى، إن شفاعتهن لترتجى، وإنها لَلْغرانيق العلى فنسخ الله ذلك، وأحكم الله آياته: {أفرءيتم اللات والعزى (19)} حتى بلغ {من سلطان} [النجم]، قال قتادة: لما ألقى الشيطان ما ألقى، قال المشركون: قد ذكر الله آلهتهم بخير، ففرحوا بذلك، فذكر قوله: {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض} [الحج: 53].
أخرجه ابن جرير (17: 122) من طريقين عن معمر عنه، وهو صحيح إلى قتادة، ولَكِنه مرسل أو معضل. وقد رواه ابن أبي حاتم كما في الدر بلفظ أتم منه وهو: قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام، نعس، فألقى الشيطان على لسانة كلمة فتكلم بها، وتعلق بها المشركون عليه، فقال: {أفرأئتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)} النجم، فألقى الشيطان على لسانه ولغى: وإن شفاعتهن لترتجى وإنها لمع الغرانيق العلى فحفظها المشركون، واخبرهم الشيطان أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد قرأها، فذلت بها ألسنتهم، فأنزل الله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} الآية (الحج: 52)، فدحر الله الشيطان ولقن نبيه حجته».
6- عن عروة- يعني ابن الزبير- في تسمية الذين خرجوا إلى أرض الحبشة المرة الأولى: قلت وفيه: «فقال المشركون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير، أقررناه وأصحابه، فإنه لا يذكر أحدًا ممن خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر به آلهتنا من الشتم والشر، فلما أنزل الله عز وجل السورة التي يذكر فيها: والنجم وقرأ: {أفرءيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)} النجم، ألقى الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت فقال: وإنهن لَمِنَ الغرانيق العُلى، وإن شفاعتهم لتُرتجى وذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلماتان في قلب كل مشرك وذلت بها ألسنتهم، واستبشروا بها، وقالوا: إن محمدًا قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر السورة التي فيه النجم سجد وسجد معه كل من حضره من مسلم ومشرك، غير أن الوليد بن المغيرة- كان رجلًا كبيرًا-، فرفع مِلْءَ كفه ترابًا فسجد عليه، فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود لسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما المسلمون فعجبوا من سجود المشركين من غير إيمان ولا يقين، ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان على ألسنة المشركين- وأما المشركون فاطمأنت أنفسهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما سمعوا الذي ألقى الشيطان في أمنتة النبي صلى الله عليه وسلم وحدثهم الشيطان أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأها في السجدة، فسجدوا لتعظيم آلهتهم، ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت الحبشة.. فكَبُرَ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام، فشكا إليه، فأمره فقرأ عليه، فلما بلغها تبرأ منها جبريل عليه السلام وقال: معاذ الله من هاتين، ما أنزلهما ربي، لا أمرني بهما ربك!! فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم شق عليه، وقال: أطعتُ الشيطان، وتكلمتُ بكلامه وشركني في أمر الله، فنسخ الله عز وجل ما ألقى الشيطان، وأنزل عليه: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} إلى قوله: {لفي شقاق بعيد (53)} الحج. فلما برأه الله عز وجل من سجع الشيطان وفتنته انقلب المشركون بضلالهم وعداوتهم».
رواه الطبراني هكذًا مرسلًا، كما في المجمع (6: 32- 34 و7: 70- 72) وقال: وفيه ابن لهيعة، ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة.
7- عن صالح قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المشركون: إن ذكر آلهتنا بخير ذكرنا إلهه بخير، فألقى في أمنيته: {أفرئيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} [النجم]، إنهن لفي الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى قال: فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍ } الآية [الحج:52]».
أخرجه عبد حُميد كما في الدر (4:366) من طريق السدي عنه، وأخرجه ابن أبي حاتم السدي لم يتجاوزه بلفظ: «قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ليصلي فبينما هو يقرأ، إذ قال: {أفرئيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} [النجم]، فألقى الشيطان على لسانه فقال: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى حتى إذا بلغ آخر السورة سجد وسجد أصحابه، وسجد المشركون لذكر آلهتهم فلما رفع رأسه حملوه فاشتدوا به قطري مكة يقولون: نبي بني عبد مناف، حتى إذا جاء جبريل عرض عليه فقرأ ذينك الحرفين، فقال جبريل: معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا! فاشتد عليه، فأنزل الله يطيب نفسه: {وما أرسلنا من قبلكَ } الآية [الحج:52]».